¡Oh guapa! ¡Haz el té!
desde la caja (del té) hasta la tetera.
¡Oh guapa! Baja al valle
y llevate unas hojas de menta fresca.
¡Oh guapa! No estaba hablando (mal)
de ti. No.
Tus ojos me marean.
¡Oh guapa! ¡Dime sí o no!
Si es no, ¡Cortame la esperanza!
(no me dejas ninguna esperanza)
غَزَلٌ عُذريٌ أنيق
بلهجةِ بلد الجزائرِ الشقيق
ربما أكونُ أوَّلَ مَن حَاوَلَ نقلَ معانيها إلى لغاتٍ أخرى في هذا البراحِ الإلكتروني، وهذا يُلقِي بمسؤوليةٍ كبيرةٍ على عاتِقي، لذا أتمنى أن أكونَ قد وُفِّقتُ في ترجمةِ هذهِ التحفة الفولكلورية النادرة، وفيها يناجي الشاعرُ حسناءً شَغَفَتهُ حباً، داعياً إياها إلى تحضيرِ الشاي، الذي لا يَستَقِيمُ عُرفاً تقديمهُ دونَ النعناعِ الطَّازَج، مما يَستدعي نزولَ هذه الحسناء إلى الوادي بُغيةَ جَلبِ وُرَيقاتِه، فتتحققُ غايةُ شاعِرنا المنشودةُ حين ترمُقُها عيناه وهي تقطِفُ ما تَيَسَّر من النعناع.☘️😅
ولكن مهلاً! هل ما سَلَفَ ذكرهُ هو المعنى القطعي الذي أرادهُ الشاعرُ؟
الجواب: قد يكون كذلك وقد لا يكون، فَلا عِلمَ لي بشاعرٍ فَسَّرَ ما ألقاهُ من قصيد، بل دائماً ما تُترَكُ أبوابُ التفسيرِ مُشرَعةً على مِصراعَيها، لِيَدخُلَ القُرَّاء من أيِّهَا شاءوا حامِلينَ قناديلَ مُسْرَجَةً بِقَبَسٍ منِ خَيَالِهِمُ الخاص، فَـتــنـــيـــرُ لهم معانٍ غَيرَ مكتوبة، وقد اخترتُ لكم هذا الباب، وعَبرَهُ يَتَراءَى لي أيضاً أن كلاماً ينالُ من النساءِ قالَهُ العاشق -والذي سأتوقف قليلاً عن نَعتِهِ بالشاعر لتفادي الإشكال-، وقد تناهى هذا الكلامُ السيءُ إلى مَسَامعِ الحسناء، فظنَّت أنها المقصودة، وهنا يأتي تبريرُ العاشق ونَفيهُ للتهمة "يالزينة مانيش عليك لا، خردوني عينيك"، وكأنه يُعاتبُ الحسناءَ قائلاً: "وهل يمكنُ أن أعنيك، وأنا الهائمُ بِعَينَيك؟"، ثم أردَفَ قائلاً في بيتٍ آخر، "يالزينة مانيش عليك، راني على الروميات"، أي أنه لم يقصد لا الحسناء ولا حتى النساءَ من بني جلدته، بل كانَ يقصِدُ الغربيات اللاتي لَسنَ على دينِ الإسلام، ولفظُ "الرومي" لا يقتصرُ على سُكان روما فحسب، بل عادةً ما يُطلَقُ على الأوروبيينَ بالعموم، فالمصريون مثلاً كانوا يصِفونَ كل ما انتقلَ إليهم من اليونانيين من صُنوفِ الطعام ونَحوِهِ بِأنَّهُ "رومي"، لذا سُمِّيَ الجُبن بالرومي🧀 وكذلك الفلفل🌶 والديك.🐔
وها أنا ذا أجد نفسي مُحرَجاً ومضطراً للتوقف عن الدخول في مواضيعَ جانبيةٍ تافهةٍ مقارنةً بهذا الخَطبِ الجَلَل والعودةُ إلى مِحنَةِ أخِينا العاشق، فقد ضاقتِ عليهِ الأرضُ بِمَا رَحُبَت ولم يَذُق طَعمَ النوم "يالزينة راني مهموم ومنك ما جاني نوم"، حيثُ أصبحَ شُغلهُ الشاغل هو معرفةُ جوابِ الحسناء، إما بنعمٍ أو بِلا، فإن كانت الأخيرة، فهو يريد منها عَدَمَ التزامِ الصمتِ بحجةِ مُراعاةِ مشاعره وأن تُجهِزَ على أمله، لأنَّ الأمل الكاذب بالنسبةِ له بمثابة السُّم البطيء، أما البوح -وإن كان بالرفض- فهو البلسم "يالزينة قوليلي واه والا لا، وإن لا قطعيني لِيَّاس". الغريب هو ذِكرُ العاشق لوطنه وزَهْوُهُ بِتُراثِهِ في خِضَمِّ ما يقاسيهِ من لَوعةِ العشق "يالزينة الفن والراي خارج من بن العباس"، وتُنطَق "بلعباس" بسُقُوطِ النون، وهي مدينة عربية في الجنوبِ الغربي للجزائر، ولكني أتفهمُهُ تماماً، فهذا وطنٌ وليس جبناً رومياً! 🧀
وفي الختام، يستردُّ العاشقُ لَقَبَ الشاعِر ويسدِلُ الستارَ عن قصيدتهِ الغنائية دونَ أن نعرف ما إذا تمكنَّ مِنَ الظَّفَرِ بِقلبِ حَسنَائِهِ، حيثُ لَفَظَ آخرَ أنفاسِ القصيدةِ بأداةِ نِداءٍ ومُنادَى "يا الزينة"، ولم يَزِد على تلك الصَرخَةِ البشريةِ سِوَى صَرَخَاتِ القيثارةِ الإلكترونية، وانتهتِ الأغنيةُ على طريقةِ الـ (Fade out) أي أن الإيقاعَ والعزف لم يتوقفا، إلى أن شَرَعَ الصوت في الانخفاض تدريجياً حتى تلاشى، وكَأَنّي بالموزع الموسيقي يريدُ أن يقول ما لم يقلهُ الشاعر، وهو أن أحداثَ هذه القصة لم تنتهِ وأنها ليست الوحيدة، فمازال مضمونها مستمرَّ الحُدُوث متخذاً أشكالاً مُختلفةً إلى يومِ الناسِ هذا...
ما استهواني في هذه القصة برمتها هي المصطلحات الخاصة بثقافة الشاي، فمددتُ يدَ العون ونزلت إلى الوادي رفقة الحسناء، هي تقطف النعناع، وأنا أقطف المفردات، لنقدمها لكم ضمن صينية الشاي في قالب موسيقي غزلي لطيف والذي لا أتمنى أن يستحوذ على إعجابكم فقط، بل أن يضيف أيضاً إلى حصيلتكم الثقافية واللغوية الغزيرة ولو الشيء اليسير.
محمد الشريف
Bright Polyglot